زهرة البستان عضو نشيط
عدد المساهمات : 188 نقاط : 25759 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/02/2011
| موضوع: خطبة الجمعة عن الإمام مالك الأربعاء مارس 23, 2011 11:51 am | |
| يقول الله تعالى في كتابه العزيز (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)الزمر نريد اليوم أن نستأذن على إمام من أئمة المسلمين وعلم من أعلامهم وتلميذ من خريج مدرسة محمد عليه الصلاة والسلام إنه الإمام مالك الذي كان إذا تكلم سكتت الأصوات وأصغت إلى حديثه العذب حتى قيل (أيفتى ومالك في المدينة). تزوج والده أنس بن أبي عامر الأصبحي من أمهِ وزُفت له ولم يرها قط ،ولمّا دخل عليها ووقع نظره عليها وجَدها سمراء نحيلة فكأنما خاب ظنُّهُ بها،فجلس مكسوف البال قليل الرجاء ،وأطرق في الأرضِ ولم يتكلمْ بكلمةٍ،وطال الوجومُ والسكوتُ،وكانت زوجته عاقلة لبيبة قرأت في تقاسيم وجهه ما في قلبه ،فنظرتْ إليه وقالت له:يا أنسُ قد يكونُ الخيرُ كامِناً في الشرِّ وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ اللهُ فيه خيراً كثيراً،فرأى لها عقلاً ورأى لها ذكاءً،فدخلَ بها ولمْ يقضي معها سوى أيام قليلةً حتى خطر له عمل في الشام ،فغادر بلاد الحجاز إلى بلاد الشام وظل هناك عشرين سنة انقطعت خلالها أخباره عن أهله وانقطعتْ أخبارُ أهلِهِ عنهُ ،وكانتْ زوجهُ قدْ حملتْ بمالكٍ من أبيهِ ووضعتهُ ،وكانت امرأة صالحة غاية في الفضلِ والتقوى ،تعملُ في الغَزْلِ حتى لا تُرضعَ ولدَها منْ كسبٍ حرامٍ ،وشبّ الغلام ونهل العلوم من مجالس العلم على يد شيوخ كبار حتى أصبح عالماً يفتي بشهادة سبعين عالماً ولم يتجاوز العشرين من عمره ،وعاد أبوه إلى بلاد الحجاز ووصل وقت العصر فدخل المسجد النبوي الشريف وصلى فيه وإذ بمالك يجلس في حلقة يحدث الناس فوجد أبوهُ قلبهُ يميلُ إليه وتَشدُّهُ عواطفٌ نحوه ،فقال لواحد بجواره :من هذا العالم ؟قال:سُبحانَ الله وهل في المدينة أحدُ لا يعرفهُ؟هذا مالك بن أنس،قال:من أنس؟قال أنسُ بنُ أبي عامرٍ الأصبحي،فانطلقت دمعتان كبيرتان من عيني أبيه،والرجلُ لا يدري أسبابها ،ثمَّ جلس حتى إذا انتهى العالمُ منْ حديثه ،قام َإليه فعانقه وقبّلَهُ ومشى معهُ،حتى إذا كان قريباً من بيته قال له:يا بني أُدخلْ إلى أُمِّكَ وقلْ لها رجلٌ في البابِ يقولُ لكِ قد يكونُ الخيرُ كامناً في الشرِّ ،فدخلَ مالك إلى أُمِّهِ وأخبرها بالخبر ،فصاحت المرأةُ :واللهِ هذا أبوك .فدخل الوالد وهو شديد السرور بهذا الولد البار وهذه الزوجة الصالحة الطيبة. ولد الإمام مالك في المدينة سنة ثلاث وتسعين هجرية وطلب العلم على يد علمائها حتى شهد له علمائها بالعلم والفضل وقد قال رضي الله عنه :ما جلست للفتيا والحديث ،حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني مرضاة لذلك.وكان عمره إذ ذاك سبعة عشر سنة. وقد ذاع صيته في جميع الأقطار ،وطبقت شهرته الآفاق ،فارتحل الناس إليه من كل فج،وكانوا يزدحمون على بابه ،ويقتتلون عليه من الزحام لطلب العلم ،ومكث يفتي الناس ،ويُعَلِّمهم نحواً من سبعين سنة.واتفقوا على إمامته ،وجلالته ،ودينه ،وورعه ،ووقوفه مع السنة،وكان ذا هيبة ،لا يتكلم في مجلسه أحد ،وكان مجلسه هو مجلس وقار وحلم ،وكان رجلاً نبيهاً ،نبيلاً،ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ،ولا رفع الصوت.وإذا أراد أن يخرج للحديث اغتسل ،ولبس أحسن ثيابه،وتطيِّب ،فقيل له في ذلك ،فقال :أُوقّر به حديث رسول اللهr.وإذا رفع أحد صوته في مجلسه ،قال:قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي)فمن رفع صوته عند حديث النبيr،فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول اللهr.ألّف الإمام مالك رضي الله عنه كتابه الموطّأ واستغرق في تأليفه أربعين سنة ،وكان من أعظم الكتب على الإطلاق حتى عزم الخليفة أبو جعفر المنصور أن يعلقه في الكعبة ويجبر الناس عليه حسماً للخلاف لولا أن نهاه عن ذلك الإمام مالك.فرضي الله عن مالك إمامنا وقدوتنا وما أحوج نسائنا لأن يربوا أولادهم على الرزق الحلال وطلب العلم . | |
|